شهد مجال الترجمة تحولًا كبيرًا في التسعينيات مع إدخال الترجمة الآلية، لكن بعد ذلك بفترة قصيرة بدأت مرحلة تعايش الترجمة الآلية والبشرية معاً وإمساك المعول سويةً، لكن هل جعل ذلك المترجمين البشريين أقل أهمية؟ هل انتهى أو سينتهي وجودهم؟
في الواقع هذا ادعاء خاطئ، إن المترجمين في وقتنا الراهن يواجهون محنة عصيبة تتمثل بأن جُلَ جهدهم يتم بذله لتصحيح وتعديل أخطاء أدوات الترجمةَ الآلية.
عادةً ما يُنظر إلى الترجمة على أنها مشكلة بسيطة ويجب حلها بشكل مثالي، دون تكبد أي تكلفة أو وقت، والترجمة الآلية غالباً ما تكون هي ذلك الحل المنشود فهي تقدم ترجمة فورية ومجانية، فبالتالي، تلجأ معظم الشركات إليها وتفضلها على كل الحلول الأخرى، للأسباب التي تم ذكرها، ولكن هل يلبي هذا الحل معايير الشركة؟ هل ستحصل من خلاله على ترجمة دقيقة ومتسقة؟
بالنسبة لأي شركة منتشرة عالمياً، فإن الترجمة ضرورية لتقديم المحتوى الخاص بها إلى عملائها، لذلك ليس من المفاجئ أنه عند تقديم حل تقني مجاني بأقصر مهلة ممكنة، أن تذهب هذه الشركة مباشرةً للحصول على هذا النوع من الترجمة حتى دون النظر إلى النتيجة.
ماهي الترجمة الآلية؟
الترجمة الآلية (MT) هي أي ترجمة يقوم بها الكومبيوتر، تسمح للمستخدمين باختيار اللغة الأساسية واللغة التي يستهدفونها، ويُطلق على هذا النظام إذا كان يحتوي على سمتين (ذاتية التعلم والذكاء الاصطناعي (AI اسم الترجمة الآلية العصبية.
عيوب الترجمة الآلية
الآن دعونا نحاول معرفة إجابة هذا السؤال: هل ستحل الآلات محل المترجمين البشريين؟ سنضرب مثالاً توضيحياً:
قام أحد مساعدي الترجمة الحاسوبية بترجمة مقالة بالفرنسية عن السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة لورا بوش مستخدماً أحد أدوات الترجمة الآلية، على الرغم من أن هذه الأدوات مبرمجة لتمييز بعض التعبيرات، لكن في كل مرة يتم ذكر اسم السيدة "Laura Bush" في المقالة تتم ترجمتها على أنها "le buisson de Laura"، وما زاد الأمر سوءاً أنه قد تمت ترجمة كلمة "Bush" من قبل الآلة كاسم بدلاً من اسم عائلة، و "buisson" هي بالمصادفة البحتة كلمة عامية فرنسية تعني "المهبل".
طالما أن المترجمين الآليين يفتقرون إلى الوعي الذاتي أو البصيرة التي تعادل تلك الخاصة بالإنسان العادي، فستكون الترجمة البشرية مطلوبة دائمًا، هذا الوعي الذاتي هو أكبر اختلاف بين الترجمة البشرية والترجمة الآلية.
لماذا يختار الناس الترجمة الآلية؟
تتمتع أجهزة الكمبيوتر بميزة على البشر عندما يتعلق الأمر بالسرعة، تلجأ معظم الشركات إلى الترجمة الآلية عند ترجمة قدر كبير من المحتوى، غالبًا ما تكون الترجمة الآلية طريقة أسرع من العمل مع المترجمين البشريين، ومع ذلك فإن العيب الرئيسي عندما يتعلق الأمر بالترجمة الآلية هو فقدان الدقة لأن الكمبيوتر يقوم بالترجمة وليس المتحدث الأصلي للغة المستهدفة.
توفر الترجمة الآلية أحياناً جودة أعلى من الترجمة البشرية، ويرجع ذلك في الغالب إلى الاتساق في الصياغة والأسلوب، وهو المكان الذي تتجاوز فيه الترجمة الآلية التوقعات حقًا، لكن الآلات تفشل في اختيار الكلمات المناسبة بناءً على الفروق الثقافية، فالآلات لا يمكنهم الحكم على المعنى الصحيح بناءً على السياق وهو ما يبرع به البشر ويتقنونه.
سمح التقييم البشري للترجمة الآلية بإجراء تحول سريع وتخصيص للمشاريع، مما يؤدي إلى توفير كبير في تكلفة الترجمة، فمع الترجمة الآلية لا توجد تكلفة إضافية لإعادة العمل، لكن الترجمة البشرية حتى الآن باهظة التكلفة، هذا هو السبب في أن أسعار الترجمة الآلية أرخص بشكل عام. (إن لم يكن مجانيًا)
لماذا الترجمة البشرية أفضل؟
هل يمكنك تحقيق الدقة والتميز في الترجمة البشرية باستخدام الآلة؟ حسنًا، الجواب هو "لا"، فالترجمة البشرية تتطلب عملية منهجية من قبل المترجم البشري مستخدماً معارفه وخبراته التراكمية لكي يكون قادراً على اخارج الترجمة الصحيحة في المكان الصحيح.
كيف تميز بين الترجمة الجيدة والترجمة المتواضعة؟ تبدو الترجمة الجيدة طبيعية وطَلِقَ، وتعتمد الترجمة البشرية على إنشاء تفسير فني للمحتوى الأصلي، مع الكلمات والعبارات التي يتم إعادة كتابتها وإعادة ترتيبها بشكل مناسب لجذب الجمهور المستهدف، والأهم من ذلك هو الاحتفاظ بجوهر المحتوى وهذا ممكن فقط مع مترجم بشري، لأنه على دراية بالحساسيات الثقافية واللغات المحلية والنغمة والعبارات الاصطلاحية وهذا شبه مستحيل مع الآلات.
عندما يتعلق الأمر بالمترجمين من لغتهم الأم، فإن خبرتهم في اللغتين تساعدهم على ترجمة المحتوى ليناسب احتياجات الجمهور. على الرغم من أن الترجمة الآلية تعتبر اقتصادية وأسرع من الترجمة البشرية، إلا أنها لا تستطيع استيعاب الدلالات العميقة للغات.
من الجوانب المهمة التي يجب مراعاتها أثناء ترجمة المحتوى هو الحساسيات الثقافية المتبعة في جميع أنحاء العالم، فكل ثقافة لها قيمها المترسخة في اللغة، لذلك عند ترجمة المحتوى المهني الخاص بك من لغة إلى أخرى، من الضروري أن تكون متنبهاً وعارفاً لحساسية هذه المعايير والقيم الثقافية.
الفرق بين الترجمة البشرية والترجمة الآلية
يمكنك باستخدام "ترجمة Google" إدخال نصٍ فإن كان قصيرًا فسيتم تقديم ترجمة على الفور تقريبًا، يتم انتاج هذه الترجمة باستخدام شبكة عصبية اصطناعية، لكن بالطبع هذه الشبكة ليست دماغًا مما يعني أنه لا يمكنها فهم المعنى بناءً على السياق أو تفسير المعاني المختلفة أو التعرف بالفطرة على الجودة الجيدة أو السيئة.
يمكنك الحصول على نتائج أفضل إن كان لديك وصول إلى محرك ترجمة آلي مدرب، قد يستند هذا الجهاز إلى قواعد مبرمجة لإنشاء مجموعة بيانات، قد يقرر أي خيار لتحديده باستخدام الإحصائيات لن تكون النتائج الأولية مثالية، خاصة إذا كنت تحاول ترجمة نص تسويقي أو إبداعي، مثل موقع إلكتروني للسياحة، لذلك ستقوم بعد ذلك بإحضار مترجمين بشر للتفكير وتحديد الأخطاء وتصحيحهم.
دعونا الآن نحاول تغطية إيجابيات وسلبيات الترجمة البشرية الخبيرة. على الرغم من أنه لا يمكن مقارنة المترجمين، بالكتّاب أو الصحفيين على سبيل المثال عندما يتعلق الأمر بكتابة القصص والمقالات من الصفر، إلا أنهم لا يزالون يعتبرون خبراء في مجالهم بسبب الطريقة التي يصقلون بها النص المصدر ليناسب جمهورًا معينًا، لكن يمكن مقارنة المترجمين بالمحررين الذين يقومون بشكل مستمر بصياغة وتشكيل وإتقان قطعة مكتوبة من أجل استهلاك عام أفضل.
للتوضيح، إليك الطريقة النموذجية التي يتبعها المترجم في عمله: بمجرد الانتهاء من مسودة ترجمته، سيتحقق مما إذا كان عمله يحتوي على أي تناقضات وسوء فهم وزلات وما شابه ذلك من خلال التدقيق اللغوي المستمر، ثم سيعيد المترجم رسم مخطط التدقيق اللغوي الخاص به بحيث يخفي علامات الترجمة، ستساعد القدرة على القيام بذلك في جعل المنتج النهائي يبدو أقل شبهاً بنتيجة خدمة الترجمة وأكثر شبهاً بالمستند الأصلي
الآلة ضد الإنسان.
مما لا شك فيه هو أن الآلة أسرع من الإنسان، لكن مخرجات أدائها لا يمكن الاعتماد عليها في بعض المجالات، إذا كنت تستخدم محرك ترجمة آلية مخصصًا مع محررين لاحقين من البشر، فيمكنك الحصول على نتائج مرضية بأقل من العمل مع البشر وحدهم، إن أهمية المترجم الآلي واضحة ولكن إذا استثنينا السرعة من المعركة مع الترجمة الآلية، فإننا لا نزال كبشر نستطيع طرح الذكاء الاصطناعي أرضاً بسهولة.
Copyright © WeTranslate. All Rights Reserved.