Latest News

ترجمة لغة الإشارة

إن ظهور لغة الإشارة كوسيلة للتواصل بين ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم يعتبر حديث نسبياً، وقد زاد اهتمام الدول بتطوير هذه الوسائل ،لاسيما مع تطور وسائل الاتصال الاجتماعي، ولكن هناك سؤال يرد إلى أذهاننا دائما، ماذا لو كان ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى لغة أخرى غير تلك التي يتواصلون بها في بلدانهم؟. إن وجود مترجمي لغة الإشارة ضرورة ملحة  لبناء قنوات التواصل بين الصم وبقية أفراد المجتمع، وقد كان لهؤلاء المترجمين دوراً فعالاً في نضال الصم من أجل الحصول على حقوقهم وتخطي الحواجز بينهم وبين مجتمعاتهم ليصبحوا أعضاء فاعلين في تلك المجتمعات. 

يمكننا أن نفهم الدور الذي لعبه مترجمي لغة الإشارة في هذا التطور من خلال المحاور التالية:

* بعض نقاط التعريف بلغة الإشارة.

* أحداث مهمة في تاريخ لغة الإشارة. 

* أنواع الترجمات في لغة الإشارة.

* مهارات مترجم لغة الإشارة.

* دور مترجم لغة الإشارة.

 

* نقاط تعريف بلغة الإشارة:

هنا يجب علينا أولاً أن نوضح بعض النقاط التعريفية حول لغة الإشارة:

- المقصود بلغة الإشارة هي لغة التواصل التي يستخدمها ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم والبكم، وهي مجموعة من الإشارات والإيماءات باستخدام اليدين أو الشفتين أو لغة الجسم.

- لغة الإشارة ليست لغة موحدة، بل يوجد لكل بلد تقريباً لغة إشارة خاصة به، يتم التعبير بها عن حروف وكلمات اللغة التي يتحدث بها أهل البلد.

- هناك مؤتمرات واجتماعات دولية لرعاية الصم، يتم فيها استخدام لغة إشارة دولية ولكن يؤخذ عليها أنها قريبة جداً من إشارات لغة الإشارة الأمريكية.

 

* أحداث مهمة في تاريخ لغة الإشارة:

- ترجع أصول الترجمة بلغة الإشارة للصم إلى الأيام الأولى لتربية وتعليم التلاميذ الصم، والتي عمل فيها المدرسون كمساعدين بالإشارة أو مؤشرين، وذلك لخلق نوع من التواصل بين التلاميذ أو المعلمين الصم وباقي الأفراد السامعين داخل المدرسة. 

- في بدايات القرن التاسع عشر تم إنشاء وتنظيم جمعيات الصم الأهلية لتعريف الناس بقضية الصم، وتم استخدام مترجمي لغة الإشارة بشكل فعَّال.

- إن مصطلح مترجم لغة إشارة قد ظهر للوجود في الجزء الأخير من القرن التاسع عشر، وبدأ في الانتشار ليحل محل لفظ المفسر أو المؤشر.

- في عام 1965 تم عقد ورشة عمل حول ترجمة لغة الإشارة في العاصمة واشنطن، وفيه ظهر إلى الوجود ما يعرف اليوم بالمركز القومي لمترجمي لغة الإشارة. 

- منذ العام 1975 وحتى 1980، بدأ نظام الشهادات المعتمدة بالتوسع ليلاقي النمو المتزايد لهذه المهنة، وكان من نتاج ذلك أن أصبح هناك وفرة في مترجمي لغة الإشارة الأكفاء المعتمدين. 

- في عام 2008 تم الإعلان عن الاتفاقية الدولية لحقوق الأفراد المعاقين والتي تمت المصادقة عليها من قبل العديد من دول العالم، وجاء من أبرز موادها المتعلقة بالترجمة بلغة الإشارة، مايلي: المادة رقم (9) والخاصة بإمكانية الوصول، في فقرتها رقم (2-هـ)، ونصها: "توفير أشكال من المساعدة البشرية بمن فيهم مترجمو لغة الإشارة لتسهيل إمكانية الوصول إلى المباني والمرافق الأخرى المتاحة لعامة الجمهور"، والمادة رقم (21) والخاصة بحرية التعبير والحصول على المعلومات، في فقرتها رقم (هـ)، ونصها: "الاعتراف بلغات الإشارة وتشجيع استخدامها ونشرها"، والمادة رقم (24) والخاصة بالتعليم في فقرتها رقم (3-ب)، ونصها: "أهمية تسهيل تعلم لغة الإشارة وتشجيع الهوية اللغوية والثقافية للصم".

- ظهور مواقع إلكترونية تساعد الصم في حياتهم من خلال تقديم خدمات الترجمة من لغة الاشارة إلى لغة صوتية وبالعكس، مثل المنصة التي أنشأها كلاً من خالد على بالتعاون مع صديقه محمد أشرف، والتي تقدم خدمات مثل ترجمة المواد التعليمية وقوائم المطاعم والكافيهات وخدمة الحجز مع الأطباء. 

* أنواع الترجمات في لغة الإشارة:

أما بالنسبة لأنواع الترجمات في لغة الإشارة، نلاحظ أن السائد هو ترجمة اللغة المنطوقة إلى لغة الإشارة وهذا مانجده في الغالب على المحطات الفضائية، ولكن يمكننا تصنيف ثلاث أنواع مختلفة من ترجمات لغة الإشارة:

- الترجمة من الكلمات إلى الإشارات: وفيها ينقل المترجم محتوى الرسالة من اللغة المنطوقة إلى لغة الإشارة، وعادة ما تستخدم في ترجمة المؤتمرات، والترجمة التلفزيونية، وغيرها. 

- الترجمة من الإشارات إلى الكلمات: وفيها ينقل المترجم محتوى الرسالة بلغة الإشارة إلى اللغة المنطوقة، وعادة ما تستخدم في المواقف السابقة، والترجمة في الحياة العامة، وغيرها.

- الترجمة الحرفية للإشارات: 

وفيها ينقل المترجم المعنى الحرفي لكل كلمة (أو حركة) من اللغة المنطوقة ( أو الإشارة ) إلى اللغة الأخرى، وعادة ما تستخدم في الترجمة القانونية والصحية تحديداً.

 

* مهارات مترجم لغة الإشارة:

بالنسبة لمترجمي لغة الإشارة ستكون مهمتهم مختلفة عن مهمة المترجم العادي بين لغتين منطوقتين، حيث أن مترجم لغة الإشارة مطلوب منه مهارات وخبرات مختلفة بالإضافة إلى المهارات والخبرات التي يجب أن يمتلكها المترجم العادي. 

- مطلوب من مترجم لغة الإشارة إتقان لغة الإشارة ولغة المصدر ولغة الهدف التي يترجم إليها.

- مترجم لغة الإشارة يجب أن يكون معتاداً على الترجمة الفورية لأن لغة الإشارة يتم استخدامها بشكل مباشر من الأصم فهي لغة غير مكتوبة وإنما يتم استخدامها بشكل حي ومباشر.

- مطلوب من مترجم لغة الإشارة أن يكون دقيق الملاحظة فالأصم هنا لا يستخدم صوته، بل يستخدم يديه ولغة جسمه ليعبر عما يريد وهذا يحتاج إلى دقة الملاحظة والانتباه المستمر لالتقاط كل هذه الإشارات ثم ترجمتها إلى لغة منطوقة.

- مطلوب من مترجم لغة الإشارة أن يأخذ في الحسبان الفروق بين الصم، والخلفيات الثقافية للصم، ومعايير الحوار، وبروتوكولات الاتصال، وبالتالي فإن الترجمة تعتبر عملية حوار، في وجود المترجم ويعتبر هو أحد المشاركين فيه.

- مطلوب من مترجم لغة الإشارة الالتزام بأخلاقيات المهنة بشكل يحافظ على سلوكه المهني من خلال المبادئ الرئيسة للترجمة من دقة، وخصوصية وحيادية.

* دور مترجم لغة الإشارة:

تأتي الحاجة الملحة لمترجمي لغة الإشارة بسبب وجود عدد كبير من النشاطات في المجتمع يشارك فيها الأصم، وجميعها تتطلب خدمات مترجمي لغة الإشارة، ليعملوا جسراً عبر رموز اللغتين المنطوقة ولغة الإشارة، في ضوء الطلب عليهم في مجالات كثيرة تتطلب تواجدهم في كثير من المؤسسات فعلى سبيل المثال: الخدمات الإدارية وخدمات الضمان الاجتماعي والخدمات الصحية، كذلك الخدمات القانونية، والمؤسسات والوزارات الخدماتية وكلها يمكن أن يعمل فيها أو يراجعها من ذوي الاحتياجات الخاصة الصم ما يستدعي وجود مترجمي لغة الإشارة فيها بشكل مستمر.

 

وفي النهاية نجد أن عمل المترجمين المتخصصين بلغة الإشارة يتطلب مهارة وخبرة وموهبة في الترجمة، ويتطلب أيضاً من الجهات المسؤولة توفير الأعداد اللازمة من مترجمي لغة الإشارة بسبب الحاجة الماسة والضرورية لهم، وبسبب الطبيعة المعقدة للغة الإشارة ونوع الترجمة المناسب لكل موقف والتي يمكن أن تكون ترجمة مرافقة، فورية أو متتابعة أو غيرها، لذلك من المهم بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة من الصم العمل فقط مع أفضل المترجمين المعتمدين والمدربين على لغة الإشارة.